ماذا تفعل لو وجدت نفسك متهما وقيد التحقيق
“حماية قانونية في الصميم تتعلق بالجنح والجنايات”
للأسف كثيرُ من قضايا الجنح والجنايات مبنية على جهل الشخص (المتهم) بحقوقه وتبرعه بتقديم حكاوي وأقاويل واعترافات, لو لم يقدمها والتزم الصمت لما تحركت ضده الدعوى الجنائية او لكانت القضية متهافتة لا تقوى على الصمود والإدانة.
وكمحامٍ فإن النصيحة الأهم هي إلتزام الصمت ورفض الكلام , وذلك حق دستوري مقرر في المادة 55 من دستور 2014 , وتأكيداً فإن المتهم وفقا للدستور والقانون المصري غير مطالب بإثبات برائته إذ أن البراءة أصل ثابت في حق المتهم , ويقع عبء إثبات الإدانة على عاتق النيابة العامة وحدها..
المتهم غير ملزم اطلاقا بتقديم اي دليل على برائته ,بل إن دوره في التحقيق يتمثل في تفنيد أدلة الإتهام وإلقاء بذور الشك عليها , وله أن يتمسك بحقه الدستوري برفض التحقيق معه تحت اي ظرف إلا بحضور محامٍ مختار (عالمُ بقواعد قانون الإجراءات الجنائية) أو محامٍ منتدب , ولو كان الحبس جوازيا في الإتهامات الموجهة له وفقا للتعديل الأخير للدستور
وتذكيرا ببعض القواعد القانونية المستقرة فإن/
*الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين وإلا تهاوت وقُبِل الطعن عليها وتحقق إلغاؤها
*وأن الشك يفسر لصالح المتهم
*وأن الدليل إن تطرق اليه الإحتمال سقط به الإستدلال
المادة 55
..وللمتهم حق الصمت . وكل قول يثبت أنه صدر من محتجز تحت وطأة شيء مما تقدم ، أو التهديد بشيء منه ، يهدر ولا يعول عليه .
المادة 96
المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة ، تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه .
المادة 54
..ويجب أن يُبلغ فوراً كل من تقيد حريته بأسباب ذلك ، ويحاط بحقوقه كتابة ، ويُمكّن من الإتصال بذويه وبمحاميه فوراً ، وأن يقدم إلى سلطة التحقيق خلال أربع وعشرين ساعة من وقت تقييد حريته .
ولا يبدأ التحقيق معه إلا في حضور محاميه ، فإن لم يكن له محام ، نُدب له محام..وفى جميع الأحوال لا يجوز محاكمة المتهم في الجرائم التى يجوز الحبس فيها إلا بحضور محام موكل أو منتدب .
وقد قضت المحكمة الدستورية العليا المصرية بأن : أصل البراءة يمتد إلي كل فرد مشتبهاً فيه أو متهماً ، باعتباره قاعدة أساسية في النظام الاتهامي أقرتها الشرائع جميعها ، لا لحماية المذنبين وإنما درءاً للعقوبة عن الفرد إذا ما أحاطت الشبهات بالتهمة ـ الاتهام الجنائي لا يزحزح أصل البراءة الذي يلازم الفرد دوما ولا يزايله سواء في مرحلة المحاكمة أو أثنائها ولا سبيل لدحضه بغير الأدلة التي تبلغ قوتها الاقناعية مبلغ الجزم واليقين..القضية رقم 13 لسنة 12 قضائية دستورية ، جلسة 2 فبراير سنة 1992
ماذا لو قدم المتهم اعترافات تفصيلية..ستتهاوى بدفاع قوي يدحضها ويدحض مايساندها من قرائن وأدلة, ومقولة “الاعتراف سيد الأدلة” مقولة خاطئة لا محل لها في القانون وبالأخص إن ساند الإعتراف قرائن تافهة..وهذا موضوع اخر نطرحه لاحقا..
لا وزن لتحريات المباحث طالما كانت متهافتة البرهان كلمات مجردة نسج للأقاويل..
فالظنون والافتراضات والاتهامات لا يُبنى عليها إدانة , ولا محل إلا للدليل اليقيني القاطع السليم في اجراءات تقديمه واستخلاصه.
تقول محكمة النقض:
“لما كانت المحكمة لا تسترسل بثقتها إلى ما ركنت إليه النيابة العامة في سبيل التدليل على صحة الاتهام وصحة إسناده إلى المتهم لقصوره عن بلوغ حد الكفاية لإدراك القصد الجنائي وذلك لخلو أوراق الدعوى من الدليل اليقيني .. ذلك أن الشاهد الأول أسس بنيان شهادته على شفا جرف هار من الريب والظنون والافتراضات – .. – وهي جميعها لا تغني من الحق شيئاً – وجاءت شهادة الثاني دون زيادة عن سابقتها إلا بوراً. حيث يقرر صاحبها في بداية تحقيقات النيابة أن تحرياته استقاها من ظنون وافتراضات الشاهد الأول, وفي نهاية التحقيقات – يزيد شهادته وهناً على وهن – بتجهيل نسب تحرياته ومصدرها، فخابت وخاب مسعاها حيث لا تستطيع المحكمة أن تحكم على صحة تلك التحريات من عدمه إلا من مصدرها, وعليه فإن المحكمة لا تجد فيما ركنت إليه النيابة من تدليل على صحة الاتهام قبل المتهم ما يكفي لإقناعها أن المتهم كان على علم ..ويتعين لذلك القضاء ببراءته منها عملاً بالمادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية
نقض – الطعن رقم 10323 لسنة 70 بتاريخ 19/04/2006
د. هاني سامح المحامي

جاري التحديث
د هاني سامح
01123331007